مجزوءة الوضع البشري
تأطير نظري عام :
باعتباره الإنسان ، ذلك الكائن المتميز عن باقيه من الكائنات، فقد تساءل منذ القدم عن كل من أصل العالم ثم أصله و هويته هو أيضا، و لأنه سؤال يحمل ما يحمله من التعقيد و الإبهام، فقد ارتقى ليكون من أهم إشكاليات الفكر الفلسفي، و لعل ذلك منذ أن جعلت الفلسفة الإنسان موضوع اهتماماتها أيضا مع الفيلسوف اليوناني سقراط، و الذي يرجع إليه ذلك القول الشهير اعرف نفسك بنفسك، هذا القول الذي يبدو دعوة صريحة لتأمل الإنسان في ذاته، و ذلك بالإضافة إلى جهود كثيرة و متواصلة بُذلت للإجابة عن هذا الإشكال الفلسفي، في مقابل وجهات نظر عديدة تم تقديمها من لدن الفلاسفة، و بهذا، فالوضع البشري وضع تتداخل في تشكيله مجموعة من الأبعاد و المحددات، و من أجل تحديد ماهية هذا الوضع الغريب و المعقد، وجب علينا النظر إليه من ثلاث منطلقات أساسية متداخلة مع بعض، أولهما ذاتي متعلق بالوجود الفردي للإنسان، و هو ما يتعلق بمفهوم الشخص فلسفيا، و آخر علائقي يتعلق بنوعية العلاقة التي تربط هذا الإنسان بأخيه و بني جنسه، و نعبر عنه فلسفيا ها هنا بمفهوم الغير، و أما البعد الثالث فهو البعد التاريخي الذي يجعل من الإنسان فاعلا في التاريخ و نتيجة له كذلك و المقصود هنا التاريخ كمفهوم فلسفي، و هذه الأبعاد ، تجمع بينهما علاقة ذات تأثِير تَأثر.. فلكي نحدد جوهر و ماهية الإنسان، علينا النظر إليه انطلاقا من كونه عنصرا مستقلا و مرتبطا عن-و مع الآخرين و الأغيار في نفس الوقت، كما وجب النظر إليه باعتباره نتيجة صيرورة تاريخية من الإنجازات و تحصيل المعارف، و فاعلا أيضا في زمنه و تاريخه الخاص، و انطلاقا من هذا نتساءل نحن أيضا باعتبارنا موضوع ذواتنا نحن أيضا على الشكل التالي :
-
ما هو أساس هذا الوضع الذي نوجد و يوجد عليه الإنسان؟ و ماذا نقصد بمفهومي الشخص و
الغير و التاريخ فلسفيا ؟ و كيف لنا أن نحدد ماهية الإنسان انطلاقا من أبعاده
السيكولوجية الفردية و الاجتماعية و التاريخية على حد سواء؟، و بطريقة أخرى - ما
أساس هوية الشخص؟ و ما سبيل إدراك وجود الغير و الآخر؟ و ما هي نوعية العلاقة التي
تربط الشخص بالغير و المجتمع و الطبيعة ؟ و ما دور التاريخ فيما هو عليه الأنسان ؟
وهل هو نتاج تاريخه أم أنه فاعل أساسي فيه ؟ .
كل تلك التساؤلات سنحاول الإجابة عليها انطلاقا من دراسة
و نقد ثلاث مفاهيم أساسية هي :
- أولا : مفهوم الشخص
- ثانيا : مفهوم الغير
- ثالثا : مفهوم التاريخ
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .