منهجية تحليل القولة الفلسفية إنشائيا
التعريف بنوع الصيغة :
يتميز هذا النوع من الصيغ الإنشائية الفلسفية التقويمية باعتماده على طرح قولة فلسفية مركزة و مختصرة و مكثفة، و تكون دائما مرفقة بمطلب أو سؤال يقتضي الإجابة عليه مثل (حلل و ناقش)، و القولة غالبا ما تتضمن أطروحة تجيب عن إشكال فلسفي يدخل ضمن المقرر العام الذي يتم اعتماده بالدراسة، و لكن أطروحة القولة الفلسفية قد تكون علانية و واضحة و قد تكون مضمرة و خفية بين ثنايا القولة، كما قد تتضمن القولة الفلسفية مفارقة فلسفية أو إشكالا فلسفيا يجب استنباطه و القيام بتحليله .
المراحل النظرية الأساسية لمنهجية تحليل القولة الفلسفية إنشائيا :
على العموم تنقسم مراحل الإنشاء الفلسفي بالقولة إلى ثلاث مطالب أساسية يتم من خلالها تحليل القولة و مناقشتها و صياغتها نتيجة لذلك، و يتم الإجابة عن هذه المطالب انطلاقا من فهم و تحليل و مناقشة القولة و استنباط أطروحتها سواء كانت ظاهرة مبينة أم خفية و مضمرة، كما يتم استنباط المفاهيم الأساسية و القيام بتحليلها و شرحها على ضوء ما تم تحصيله معرفيا سابقا، أو من خلال استنباط معانيها حسب القولة و أطروحتها، كما يتم الاعتماد على حجج سواء من خلال القولة إذا توفرت أو عبر القيام باستدعاء حجج و بناء حجاج خاص للدفاع عن القولة، و أما بخصوص مرحلة المناقشة و التركيب فلا تختلف عموما عن باقي صيغ الإنشاء الفلسفي الخاصة بالنص و السؤال الفلسفيين . و تنقسم عموم المطالب و المراحل التالية كالآتي :
أولا : مطلب الفهم (3 نقط) .
من خلال هذا المطلب، نقوم أساسا بفهم القولة و تأطيرها ضمن المجال الإشكالي العام ، ثم التطرق إلى المفارقة أو الاحراج أو الإشكال الذي تثيره القولة عموما، وأخيرا طرح التساؤلات الموجهة نحوها بالاعتماد على المطلب المرفق معها من أجل الإجابة عليها لاحقا . و ذلك كله عبر المراحل التالية :
- تحديد المجال الإشكالي العام للقولة الفلسفية عبر توضيح المبحث و الاطار النظري العام للقولة في علاقته بمباحث (و التي نتناولها كمجزوءات ووحدات بالبرنامج) و إشكالات (التي نتناولها عبر المفاهيم و المحاور) و ذلك وفقا للبرنامج المقرر .
- إبراز الإشكال الذي تقدمه القولة و إبراز المفارقة أو الاحراج أو اللبس الذي تثيره .
- صياغتها التساؤلات الأساسية الموجهة للتحليل و المناقشة بالاعتماد على نوعية المطلب المرفق معها، مع الإشارة إلى الرهان و المشكلة التي تثيرها القولة و التي تستدعي الإجابة عليها .
ثانيا : التحليل و المناقشة (10 نقط ) .
أ . مطلب التحليل (5 نقط) :
من خلال هذا المطلب، يتم عموما إعادة توضيح الإشكال المطروح و تحليل عناصر القولة و مفاهيمها الأساسية من أجل الكشف عن أطروحتها و الإجابة عليه، و ذلك وفق ما يقتضيه المطلب المرفق للقولة الفلسفية، و يأتي هذا عن طريق المراحل التالية :
- إعادة صياغة الإشكال المطروح بالقولة و توضيحه قليلا، و هذا كمدخل للتعريف بالإشكال من أجل الإجابة عليه .
- استنباط الأطروحة الأساسية للقولة، و ذلك عبر استنباط الأطروحة سواء تم التصريح بها بوضوح أو كانت مضمرة و متضمنة داخل ثنايا و معاني القولة، و لعمل على صياغة أطروحة القولة بطريقة شخصية تعبر عن إدراك مضمون القولة و مفاهيمها و العلاقات الناظمة بين هذه المفاهيم .
- الانتقال بعد ذلك إلى تفسير و تحليل المفاهيم و العلاقات الناظمة بينها سواء كانت ظاهرية أم ضمنية بالقولة .
- بالنسبة للحجاج المعتمد، و ما دامت القولة مختصرة فهي غالبا لا تقدم حجاجا للدفاع عن أطروحتها، و بالتالي هنا علينا افتراض و بناء حجاج منطقي شخصيا بلائم أطروحة القولة، سواء مثال من الواقع أم حجاج بفيلسوف ما، أم حجاج لغوي بالاعتماد على الروابط المنطقية مثل (إذا كان فإن..) ، المهم غعطاء حجج يناسب التحليل و الأطروحة .
ب . مطلب المناقشة (5 نقط) :
و كما ذكرنا سابقا، فإن مطلب المناقشة لا يختلف كثيرا مع النص و السؤال، غير أنه يجب الحرص على التمييز هنا على التمييز بينها باعتبار أن القولة لا تحتوى غالبا على حدود معينة لطرحها، خصوصا إذا كانت الأطروحة مضمرة و خفية ، و عموما، فإن المراحل الأساسية لهذا المطلب كالتالي :
- مناقشة أهمية و قيمة القولة من خلال استنباطها و محاولة إدراك أهميتها فلسفيا ، كما يجب هنا محاولة تطوير قيمة القولة أكثر بطريقة شخصية و عدم الاكتفاء بما تصرح به القولة و فقط .
- مقارنة أطروحة القولة المضمرة أو المصرح بها بأطروحات أخرى مؤيدة أو معارضة أو متمايزة عنها، و ذلك عن طريق الانفتاح على مواقف أخرى تجيب عن نفس الإشكال و استحضارها مع القيام بمقارنتها مع أطروحة القولة و بيان العلاقة القائمة بينها .
- فتح الأطروحة على رهانات أخرى و مجالات أخرى و ذلك شريطة عدم الخروج عن سياق المطلب المرفق بها .
- إبداء رأي شخصي حول الإشكال الذي تثيره القولة مع محاولة الدفاع عنه بحجج و براهين منطقية و عقلانية بطريقة شخصية ، و ذلك شريطة عدم الخروج عن الإطار النظري و الاشكال الذي تثيره القولة .
ثالثا : التركيب (3 نقط) .
من خلال هذا المطلب يتم تركيب و تلخيص مجمل نتائج التحليل و المناقشة و ذلك بفقرة مركزة تضم العناصر التالية :
- تركيب و تلخيص نتائج التحليل و المناقشة .
- التطرق إلى الرهانات الآنية و المستقبلية للإشكال الذي تثيره القولة .
- توضيح أفق التفكير في الإشكال الذي تثيره القولة و الانفتاح على مجالات و مباحث أخرى تتطلب مناقشتها في علاقة مع الاشكال المطروح .
رابعا : الجوانب الشكلية و المنهجية (3 نقط) :
و الجوانب الشكلية و المنهجية لا تختلف أبدا عن ، و علينا دائما احترامها بطبيعة الحال و هي كالآتي للتذكير :
يجب الحرص كثيرا على توفر الجوانب الشكلية و المنهجية، و معناه الاهتمام لسلامة اللغة و الاملاء و العمل على توضيح خط الكتابة مع احترام علامات الترقيم في ذلك، بالإضافة إلى العناية و الحفاظ على نسق العرض و عدم الخلط و الفصل بين عناصر الإجابة .
و هكذا نكون قد انتهينا من تناول منهجية تحليل القولة الفلسفية المرفقة بسؤال أو مطلب، و قمنا شرح كل مطالبها و تحديد كل عناصرها الأساسية، و هذا كان بالنسبة للجانب النظري و فقط أيضا، و من الأكيد أننا سوف نتناول في مقال آخر لنا بالمستقبل إن شاء الله الجانب التطبيقي لهذه المنهجية، و سنقوم بتطبيقها على قولة فلسفية كنموذج، و يمكنكم اقتراح أي قولة فلسفية علينا و سوف نعمل على القيام بتحليلها و مناقشتها فلسفيا إن شاء الله بالمستقبل القريب و نقوم بتناولها هنا أيضا .
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .