آخر الأخبار

تأطير مجزوءة الفاعلية و الإبداع - تأطير مفهوم التقنية .

تأطير مجزوءة الفاعلية و الإبداع  .

مجزوءة الفاعلية و الإبداع

 مدخل نظري :

 يمثل الإنسان ككائن حي بالإضافة إلى باقي الكائنات جزءا لا يتجزأ من الطبيعة ككل، لكنه يضل الكائن العاقل الوحيد بين باقي الكائنات إن صح القول، و بذلك فقد كان الأقرب إلى فهم هذه الطبيعة، و قد أدى فهمه هذا إلى نمو طموحه في استغلالها أكثر فأكثر مع مرور الزمن، لكنه ضل قاصرا في ذلك بالاعتماد على مؤهلاته البيولوجية و حسب، مما دفعه إلى ابتكار الأداة كامتداد لقدراته الطبيعية، و بحجم نمو طموحه ذاك، فقد طور هذه الأداة على مر التاريخ، لكنها هي الأخيرة ضلت ضعيفة ما دامت تعتمد على طاقة هذا الإنسان لوحدها، حتى أن قدرات بعض الحيوانات لم تنفع في ذلك أيضا، و بهذا بقي قصور الأداة و اليد معا حقيقة مزعجة و مؤرقة للإنسان، غير أن عقلانيته التي أدت إلى تطوير منهجياته المتواصلة في فهم الطبيعة أفضى إلى إبداع التقنية، حيث اتحد العلم و الأداة، فأصبحنا نتحدث عن التكنولوجيا، حيث أصبحنا نتحدث عن الآلة التي تعمل باستقلال نسبي عن الإنسان بدل الأداة التي ظلت مرتبطة بالجهد البدني له، و لأن هذه الوسيلة و هذه التكنولوجية الجديدة بقيت في حاجة إلى الجهد الإنساني، فقد بقيت في حاجة إلى الإنسان من أجل التحكم فيها و تسييرها في عملها، لكن وعلى وجه العموم، فإن هذا كله قد زاد من توسع مجال فاعلية الإنسان و إبداعه داخل المجتمع و الطبيعة ، فأصبحنا نتحدث عن تقسيم العمل و عن الشغل ،و بالحديث عن تقسيم الأعمال و اختلاف الإبداع و الإنتاج لدى الإنسان، أصبح التبادل ضرورة من أجل توسيع نطاق الاستفادة من فاعلية الإنسان لأخيه الإنسان . كل هذا يفضي بنا إلى القول إن الإنسان قد شكل معجزة حقيقة بفاعليته و إبداعه هذا داخل الطبيعة، بل و يمكن القول أنه قد أصبح سيدا على الطبيعة، و هذا عن طريق استغلالها و ترويضها جيدا لصالحه، و قد انعكس كل هذا على اجتماعه و على نمط عيشه أيضا . و في الغالب، فإن كل هذا يترك عندنا الكثير من الدهشة والغموض عن هذه الظاهرة الإنسانية المتميزة . فإذا كان الإنسان الكائن الفاعل و المبدع الوحيد في الطبيعة و المجتمع فعلا . فهل الهدف من فاعلية الإنسان و إبداعه هو استغلال الطبيعة لتلبية حاجاته أم تطوير أسلوب حياته ؟ و ما دور التقنية و العلم في ذلك ؟ و ما انعكاس كل ذلك على حياة الإنسان الفردية و الاجتماعية ؟ و إذا كان الشغل أحد الخصائص الإنسانية، فهل ساهم الشغل في تطوير حياة الإنسان أم أنه قد أدى إلى استلابه و اغترابه ؟ و بما أن الإنسان أصبح على ضوء كل من التقنية و الشغل منتجا و مبتكرا يتبادل إبداعه و يشاركه من بني جنسه، فماذا يعني التبادل ؟ و ما أنواع التبادل الإنساني ؟ .

مفهوم التقنية و العلم

مدخل :

لقد سعي الإنسان منذ فجر التاريخ إلى تطوير أساليبه و طرقه في العيش داخل المجتمع و الطبيعة، و لعل الأداة و التقنية أحد أبرز نتائج هذا التطور، خصوصا بعد ثورة العلم الحديث التي أدت إلى تعزيز تقنياته في البحث و اكتشاف المعارف، فظهرت التكنولوجيا التي أدت إلى تسهيل نمط عيشه و توفير متطلباته كثيرا، و بقدر نمو طموحه اللامتناهي في استغلال الطبيعة لصالحه عبر التقنية، إذ تضاعف إنتاجه المتزاخم في المقابل، و ما إنتاجيته وصناعاته المهولة  سوى تجليا من تجليات ذلك، حتى أنه أصبح مهووسا بالتقنية في حياته الفردية و الجماعية، مما أدى إلى تغيير جذري على مستوى نمط عيشه منذ فجر الحداثة و التحديث، و هذا لدرجة نكاد نجزم فيها إن واقع التقنية و التكنولوجيا الحديثة منها و المعاصرة قد انفلت من قبضة الإنسان، فلم يعد المؤثر على التقنية وحسب، بل المتأثر بها أيضا، بل وقد يصل مستوى التأثير هذا إلى فقدانه لذاتيته و استلابه من طرف هذه التقنية و ما خلفته من تأثير على نمط العيش . و هذا كله يدعونا إلى التساؤل حول ماهية هذه التقنية في علاقتها بالعلم، و عما خلفته من نتائج على الحياة الإنسانية سواء كانت إيجابية أم سلبية،  فما دلالة التقنية و ماهيتها لدى الإنسان ؟ و ما علاقتها بالعلم؟ و هل يشكل العلم و التقنية مصدر قوة للفعل و الإبداع الإنساني أم أنه يشكل خطرا و معيقا للإنسان ؟ .

تعليقات