آخر الأخبار

نموذج تطبيقي لإنشاء فلسفي يخص النص الفلسفي



نموذج تطبيقي لإنشاء فلسفي يخص النص الفلسفي  

ملاحظة أولية لابد منها : 

أولا : إنني سأعمل في هذا الإنشاء على عنونة المطالب الأساسية ، وستجدون كل مطلب باسمه (كمطلب الفهم أي المقدمة ، مطلب التحليل أو المناقشة باعتباره العرض ، و مطلب التركيب أي الخاتمة ) لكن ، في الفرض و تطبيقيا و عمليا لا نحدد أسماء المطالب ، نترك فقط فراغ يشير إلى المقدمة و نكتب المقدمة و نفس الأمر بالنسبة للعرض و الخاتمة نترك فراغ و فقط . 

ثانيا : سأعمل في الإنشاء على تلوين كل مرحلة و مطلب و عنصر بلون محدد يشير إلى المطلب بشكل نظري من أجل معرفة كيفية الانتقال من مطلب إلى آخر ، و سأضع مفتاح في نهاية الإنشاء يحدد معنى كل لون من أجل معرفة كل مطلب و عنصر على حدى .. اقرأوا المفتاح جيدا في علاقة مع المهنجية بشكل نظري ، و أتمنى أن تركزوا على هذه الملاحظات لأنها مهمة لكم . 

النص التطبيقي قيد التحليل و المناقشة  

 

أولا : مطلب الفهم ( المقدمة )  . 

           - يولد الإنسان أول ما يوجد داخل المجتمع أساسا ، و يدخل في علاقات لا نهاية لها مع أفراده باعتبارها ميالا دائما إلى ذلك ، و لكن و بالتفكير البسيط في طبيعة هذا المجتمع و أساسه و منبعه ، نجد أنفسنا أمام إشكال فلسفي غامض كل الغموض ، و في هذا الصدد يأتي النص قيد التحليل و المناقشة ، كمساهمة في البحث عن إشكال أساس المجتمع و منبعه و مرجعه ، ففي حين يرى البعض أن الاجتماع البشري يرجع إلى طبيعة الإنسان الفطرية التي تنزع به و بالضرورة إلى الدخول في علاقات و اجتماع مع بقية أبناء جنسه ، فإن البعض الآخر يراهن على أن الاجتماع ظهر كنتيجة للرغبة في الخروج من حالة الطبيعة و الاقتتال التي كان يعيش ضمنها بالماضي ، و من هنا تتبادر إلى أذهاننا الكثير من التساؤلات ، و لعل أهمها التالي 

  • ما المجتمع ؟ و ما هو أساس و منبع الاجتماع البشري ؟ هل يرجع إلى الضرورة الطبيعية و الغريزية للإنسان أم إلى اختياره الحر و تعاقده الإرادي بالمقابل ؟ . 

ثانيا : مطلبي التحليل و المناقشة ( العرض ) . 

أ . مطلب التحليل : 

من خلال قراءتنا المتمعنة للنص قيد التحليل و المناقشة ، و من خلال إدراك مفاهيمه و مضامينه الأساسية ، يمكن القول أننا أمام إشكال فلسفي عويص يخص كل إنسان ، ألا و هو إشكال أساس المجتمع و منبعه ، و ما إذا كان نتيجة السلوك الغريزي الذي تفرضه فطرة الإنسان أم نتيجة الرغبة الحرة في الاجتماع كما يقر فلاسفة التعاقد ، و في نفس السياق تأتي أطروحة النص لفيلسوف التعاقد الاجتماعي توماس هوبز ، الذي يقر في نصه المقتطف من كتابه " التنين" و الذي يعد مرجعا أساسيا للفكر السياسي الحديث على أن الاجتماع البشري جاء كنتيجة للتعاقد الاجتماعي ، الذي انتقل بموجبه الإنسان من حال الطبيعة إلى حال المدنية ، فحسب هوبز ، ظهرت حالة الطبيعة بسبب النزوع الشراني للإنسان ، فالإنسان ذئب لأخيه الإنسان في نظر هوبز ،و لكن اتساع رقعة الاقتتال و العنف الطبيعي أدت بالإنسان إلى التفكير في وضع حد لهذا ، و من ثم تم اقتراح التعاقد الاجتماعي كحل لذلك ، و الذي تنازل فيه الأفراد عن كامل حقوقهم الطبيعة و التخلي عن أهوائهم لصالح سلطة تشكل حاصل و مجموع إرادتهم العامة و تحترمها ، فتم منحها لحاكم واحد أو مجلس واحد يقوم يتدبير شؤون الأفراد و ينظمها وفق المصلحة العامة ، و من هنا نشأ المجتمع و نشأت حالة المدنية بالمقابل ، و التي تميزت بالأمن و الحرية في التملك و حضور المصلحة العامة و غياب الأهواء الغريزية و العنف الطبيعي ،و هكذا اقترنت نشأة المجتمع في نظر هوبز بنشأة السلطة في المقابل . و باعتبار الفكر الفسلفي فكر يقوم على شبكة مفاهمية أساسا ، فإن أطروحة هوبز هذه تقوم أيضا بدورها على عدة مفاهيم أساسية لابد من الوقوف عندها ،و هذا بداية بمفهوم التعاقد الاجتماعي الذي يحيل على نظام سياسي و اجتماعي أخلاقي يقوم على الاتفاق بين الأفراد على تدبير الشأن العام بواسطة مؤسسات منتخبة ، مرورا إلى مفهوم حالة الطبيعة ،و الذي يشير إلى حالة مفترضة من قبل فلاسفة العقد الاجتماعي ، و حسب هوبز فقد تميزت هذه الحال بكون الإنسان فيها ذئب لأخيه الإنسان ، و تميزت بالصراع  و العنف الطبيعي الذي ولدته غريزة الإنسان الشريرة ، و قد غابت فيها كل معالم الأمن و النظام ، و حضرت بالمقابل كل أشكال العشوائية و العنف و المصلحة الفردية و طغيان القوة و الأهواء الشخصية الغريزية ، و أما بالنسبة لمفهوم حالة المدنية فهو يشير إلى النظام الاجتماعي  و الأخلاقي الذي يقوم على السلطة و التعاقد الاجتماعي ، و قد تميزت بحضور القانون و المؤسسات ، و طغيان المصلحة العامة و القيم الأخلاقية و الحرية القانونية عوض الأهواء الغريزية و ما إلى ذلك بحال الطبيعة ، و بالنظر إلى العلاقة التي تربط بين هذه المفاهيم فهي علاقة سببية ، فتواجد حال الطبيعة بفعل النزوع الغريزي للإنسان هو ما أدى إلى اقتراح التعاقد الاجتماعي كحل لهذا ، و من ثم كانت النتيجة النهائية ظهور حالة المدنية . و في حين يتم تعريف الخطاب الفلسفي عادة بأنه خطاب بر هاني و استدلالي ، فإنه يقوم دائما على حجج و براهين من شأنها تقوية الأطروحة و دعمها ، و هو نفس الأمر أيضا بالنسبة لأطروحة هوبز ، فقد عمد توماس هوبز إلى تدعيم أطروحته بحجاج العرض و التفسير ، حيث يعرض أولا لأطروحته القائلة بأن أساس الاجتماع هو التعاقد الاجتماعي الذي تخلص بفعله الإنسان من حالة الاضطراب و العنف الطبيعي ، مرورا إلى تفسير أطروحته أكثر من خلال إبراز طريقة الانتقال و إقامة العقد الاجتماعي بناء على منح كل سلط الأفراد و حرياتهم الطبيعة إلى مجلس أو شخص يمثل حاصل إرادتهم العامة و يحميها بالمقابل . 

( ب . مطلب المناقشة ):

و باعتبار أن لكل طرح فلسفي قيمة و أهمية فلسفية من جهة ،و حياتية على مستوى حياتنا اليومية من جهة أخرى ، فإن لأطروحة فيلسوفنا هذه قيمة أيضا ، فمن جهة قد ساهم كل فلاسفة العقد الاجتماعي و من بينهم توماس هوبز في الإجابة عن إشكال أساس الاجتماع و إيجاد حل له ، و من جهة أخرى تبرز أهمية الأطروحة لكونها إحدى أسس الفكر السياسي الحديث الذي كان هدفه إرساء قواعد المجتمع المدني و الدولة من خلال التنظير لطريقة إقامة مجتمع مدني متكافئ السلط يجمع الحاصل العام لإرادة الافراد و يحفظ مصالحهم و حرياتهم وفق قوانين تنظيمية ، و هذا كله من شأنه أن يمكننا من فهم أسس الدولة و المجتمع أكثر و مرجعهما الأساسي بما أننا نعيش داخل دولة أيضا ، و من شأنه أيضا أن يساعدنا على فهم الضوابط العامة و حدود حرياتنا و حقوقنا وواجباتنا أكثر اتجاه هذا المجتمع و بقية أفراده . لكن و بالرغم من أن لأطروحة فلاسفة التعاقد و هوبز أيضا قيمة هامة لدينا ، إلا أنها لا تخلو من نقاط ضعف و بعض العيوب المتعلقة بها ، فإذا قلنا معهم بأن المجتمع هو نتيجة تعاقد حر يقوم على مؤسسات و سلط منتخبة و لصالح الأغلبية ، فإن هذا يترك لدينا انطباع بأن الرغبة في الاجتماع هي رغبة حرة لدى كل فرد ، لكن و في المجتمع المدني ، فإننا نجد الفرد الذي لا يرغب بالاجتماع مكرها و مجبرا على الخضوع لإرادة الأفراد العامة رغم أن لديه الحق و الحرية في عكس ذلك ، و هذا كله من جهة ، أما من ناحية أخرى فإن طرح فلاسفة التعاقد يرجع الاجتماع إلى الرغبة الحرة ، بيد أنه و الملاحظ ، أن كل إنسان يحتاج إلى الاجتماع مع الآخرين بالضرورة من أجل تلبية حاجياته و تحقيق أمنه أيضا ، و بالتالي لا مفر لديه من الدخول في علاقات مع بقية الأفراد ، و هذا ما يترك لدينا تساؤلا أعمق ، و هو : هل يوجد طرح آخر يمكن أن يفسر أساس نشأة المجتمع أكثر ؟ و هل هو يعود إلى الاتفاق و الرغبة الحرة فعلا أم أنه يرجع إلى الضرورة الفطرية بالمقابل ؟  

في هذا السياق يأتي فلاسفة الطرح الطبيعي أمثال ارسطو و أفلاطون الذين يؤكدون على أن الإنسان كائن مدني و اجتماعي و سياسي بالطبع ، و هو نفس الأمر بالنسبة للفيلسوف الإسلامي عبد الرحمن ابن خلدون ، الذي يذهب إلى التأكيد على أن المنبع الأصلي لكل عمران بشري(اجتماع بشري) هو الضرورة الطبيعية المُلِّحة، و قد استشهد في ذلك بأقوال الحكماء أفلاطون و ارسطو ، و الذين قالوا أن الإنسان حيوان مدني (أي اجتماعي) بالطبع (أي بالفطرة و الغريزة) ، كما أوضح لنا ذلك أيضا من خلال مثال الغذاء (الحنطة نموذجا) الذي يحتاج من الإنسان لأواني و مواعين و أدوات لا يستطيع في نظره توفيرها لوحده، بل من الضروري للنجار و الحداد في ذلك، أي أن الإنسان لا يستطيع أبدا ضمان شروط عيشه الطبيعية من أكل و شرب و ما إلى ذلك إلا بالاستعانة في ذلك ببني جنسه و أخيه الإنسان، و يضيف أيضا من خلال مقارنته بين الإنسان و الحيوان في القدرات التي وهبها الله إليهم من أجل الدفاع عن أنفسهم، أن الحيوان مؤهل طبيعيا من عند الله بأسلحة و أدوات حيوية (مثل المخالب، الأنياب..) للدفاع عن نفسه من خطر باقي الحيوانات التي تنزع بفطرتها نحو العدوان، لكن الإنسان لا يمتلك إلا يدا و فكرا، و عبرهما و بمساعدة الآخرين فقط هو قادر على توفير أسلحة ووسائل للدفاع عن نفسه و حمايتها من خطر الحيوانات التي تفوقه في القوة و القدر ، و بناء على هذا كله يخلص ابن خلدون إلى أن (العمران ) الاجتماع الإنساني ضروري لوجود الإنسان و لعمارته الأرض و استمرار خلافته فيها . 

و هكذا نكون أمام طرحين متناقضين اتجاه إشكال أساس الاجتماع البشري ، ففي حين يذهب فلاسفة العقد الاجتماعي و من بينهم صاحب النص قيد التحليل و المناقشة توماس هوبز إلى أن منشأه يعود إلى الاتفاق الحر بين الأفراد ، فإن أصحاب الاتجاه الطبيعي يرون بأنه نتاج للطبيعة الفطرية التي تفرض على الإنسان ضرورة الاجتماع لتلبية حاجياته الأساسية من أجل الاستمرار في العيش ، و أما بالنسبة لي فإنني أرى أن منبع الاجتماع البشري يرجع إلى الطبع الإنساني كما يقر أصحاب الاتجاه الطبيعي ، ما دام الإنسان قاصرا عن تحقيق كل متطلبات عيشه لوحده ، سواء الأمن الغذائي أو الجسدي أيضا ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، فإن وجود الإنسان لوحده لن يمكنه من الاستمرار في التكاثر و من ثم انقراضه ، و إذا ما عانى الإنسان في مرحلة من عمره من مرض يجعله يفقد قواه الجسدية ، فإنه لن يكون قادرا على الاستمرار بدون مساعدة الآخرين في تحقيق حاجياته ،و إن وجوده لوحده لن يحميه من مخاطر الطبيعة أيضا ، لأنه يحتاج إلى عامل البناء لبناء منزله و يحتاج العسكري للدفاع عنه و حمايته ، و هذه مجرد أمثلة قليلة من شأنها أن تثبت لنا مدى حاجة الإنسان إلى بقية أفراد المجتمع ، فوجود الآخرين لطالما يساعدنا و يوفر علينا الكثير من أجل التطور إلى الأفضل و العيش بسعادة . 

مطلب التركيب ( خاتمة ) : 

        في سياق دراستنا و تحليلنا و مناقشتنا لإشكال أساس الاجتماع البشري، و بعد كل أشواط تحليل و مناقشة هذا الإشكال الفلسفي، لا يسعنا إلا أن نخلص في الأخير إلى أن منبع و أصل المجتمع قد تعدد و اختلف باختلاف التوجهات الفلسفية و الفكرية، ففي حين يذهب أصحاب الطرح الفلسفي الطبيعي أمثال أفلاطون و ارسطو و ابن خلدون إلى أن الطبيعة الغريزية الملحة هي الداعي و الدافع الأساسي لتجمع الأفراد في جماعات أو ما يسمى بالمجتمع، فإن أصحاب الطرح الفلسفي التعاقدي يؤكدون بالمقابل على أن الإنسان قد دخل في حالة من الاجتماع نتيجة إرادته الحرة التي عبر عنها بالتعاقد، و التي دفعت به إلى العيش داخل نظام مجتمعي يقوم على نسق من القواعد و الضوابط التي من شأنها ضمان مصلحة الجميع منهم من أجل تجنب الصراع و الاقتتال، و هذا الاختلاف يعد مصدرا لغنى الفكر الفلسفي و ثراء الدراسات حول هذا الإشكال عموما . و أما و نحن نفكر في أساس المجتمع و نقول عنه عادة ائتلاف للأفراد ، فإننا نكون بذلك في عمق إشكال فلسفي آخر ، و هو علاقة الفرد بالمجتمع ، و أسبقية كل منهما عن الآخر ، فما هي العلاقية بين المجتمع و الأفراد ؟ و إذا كانت هناك أسبقية ما - فلمن تكون يا ترى ؟ هل الأسبقية للفرد أم المجتمع ؟ . 

 

مفتاح قراءة الإنشاء و مطالبه و عناصره الأساسية : 

أولا : مطلب الفهم و عناصره : 

اللون الأزرق الفاتح : تأطير النص نظريا ضمن المجزوءة و المفهوم و المحور ( الإشكال ) الذي يعالجه . 

اللون البرتقالي : إبراز عناصر الإشكال و المفارقة التي يحملها . 

اللون الأحمر : تحديد الإشكالية و التساؤلات الأساسية الموجهة للتحليل و المناقشة . 

ثانيا : مطلبي التحليل و المناقشة : 

أ . مطلب التحليل : 

اللون الأخضر : إعادة صياغة الإشكال و التعريف به مجددا كمنطلق لللتحليل . 

اللون الأسود : تحديد الأطروحة و شرح مضامينها الأساسية . 

اللون البنفسجي الداكن : تحديد مفاهيم النص الأساسية و تعريفها . 

اللون الوردي الفاتح : إبراز العلاقة بين المفاهيم . 

اللون الأصفر بالخلفية الزرقاء : إبراز حجاج النص و توضيحه . 

أ . مطلب المناقشة : 

اللون الأحمر : تحديد قيمة الأطروحة و أهميتها . 

اللون الأزرق الفاتح : تحديد حدود الأطروحة و نقاط ضعفها . 

اللون الأزرق الداكن : مناقشة الأطروحة على ضوء أطروحة و أطروحات أخرى ( أنا اكتفيت بمناقشة أطروحة واحدة و فقط و لكن يمكن أبراز أكثر من أطروحة ) . 

اللون البرتقالي : صياغة خلاصة بسيطة لعناصر التحليل و المناقشة . 

اللون الأسود الموالي : إبراز الرأي الشخصي في الموضوع او الاشكال مع الدفاع عنه بحجج و براهين . 

مطلب التركيب ( خاتمة ) : 

اللون الأخضر الربيعي : صياغة نتائج التحليل و المناقشة ، أي نتائج العرض . 

اللون الوردي الفاتح : إبراز أفق التفكير في الإشكال أي المواضيع التي يجب التفكير فيها في علاقة بالاشكال المطروح . 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات