محور محطات أساسية من تاريخ الفلسفة
تأطير إشكالي :
إذا كان للفلسفة تاريخ تبلور منذ القرن السادس قبل الميلاد في بلاد اليونان رغم أن هناك من يذهب إلى أن للفلسفة بداية ذات أصور شرقية قديمة (فإن هذا التاريخ قد مر من مراحل و محطات نسجت مسار هذا النمط من التفكير المسمى بمحبة الحكمة، و قد بدأ من الفلسفة اليونانية القديمة (من القرن 6 ق. م إلى القرن 5 ميلادي) التي كان مدار اشتغالها في بدايتها الأولى هو إشكالية البحث في الوجود وأحواله، ثم مرورا بفلسفة العصور الوسطى (من القرن 5 ميلادي إلى القرن 15 ميلادي) ،و بعد مجيء الديانات السماوية التي تقدم أيضا معارف عامة عن الوجود و الإنسان، سيحتدم النقاش الفكري حول إشكالية العلاقة بين الفلسفة و الدين، مما سيترتب عنه ظهور فلسفة مسيحية و فلسفة إسلامية، مما سيجعل النقاش متمحورا حول الطريق الأصح لبلوغ الحقيقة، و هكذا سيتسم النصف الثاني من القرن 16 و بداية القرن 17 بظهور إشكالية جديدة هي علاقة الفلسفة بالمنهج و هنا ستتبلور الفلسفة الحديثة كتعبير عن مرحلة جديدة للمسار الفكري الفلسفي، و مع بداية القرن 19 و ازدهار العلوم و اعتماد الإنسان عليها في شتى المجالات، و من هنا سيبرز سؤال آخر ملح عن الفائدة و الحاجة إلى الفلسفة ما دام العلم يغني الإنسان في كثير من الميادين، و من هنا نتحدث عن الفلسفة المعاصرة التي عنيت بعلاقة الفلسفة بالعلم . انطلاقا من هذا كله، سنعمل في هذا المحور على الإجابة عن الإشكاليات المطروحة آنفا، و هي كالتالي :
- ما طبيعة العالقة بين الفلسفة و الدين (نموذج ابن رشد) ؟ -
- ما الحاجة إلى المنهج و ما أهميته ؟ و ما أساس العلاقة التي تربط الفلسفة بالمنهج (نموذج ديكارت) ؟
- ما طبيعة العلاقة بين الفلسفة و العلم (نموذج برتراند راسل..) ؟
الفلسفة و الدين : نموذج الفلسفة الإسلامية
السياق النظري و التاريخي لظهور الفلسفة الإسلامية :
الفلسفة الإسلامية، هي إسلامية كما يقول إبراهيم مذكور- في مشاكلها و الظروف التي مهدت لها، و إسلامية أيضا في غاياتها و أهدافها، و إسلامية أيضا بما جمعه الإسلام في باقتها من شتى الحضارات و مختلف التعاليم، فالإسلام ليس دينا و فقط، و إنما دين و حضارة، فكر و ثقافة، لكن يبقى هنالك سؤال مطروح قبل كل شيء : ما هي الظروف و العوامل التي مهدت لظهور و انتقال هذا النمط الفكري الجديد (الفلسفة) في بلاد تدور مجمل حياته و أفكاره حول الكتاب الكريم و السنة النبوية؟
للإجابة عن هذا الإشكال، نستحضر عاملين أساسيين ساهما في تبلور الفلسفة الإسلامية و هما :
أولا : ظهور علم الكلام :
لقد ظهر علم الكلام كنتيجة لظهور الكتاب القرآني و محاولة فهمه و تأويله و شرحه من طرف المسلمين، و بهذا استعان كثير منهم بأساليب اليونان في الجدل و المنطق للرد على اليهود و النصارى المشبهين و المجسمين (الذين جعلوا لله جسما و شبها..) ، فأدى ذلك إلى ظهور علم الكلام الذي دافع عن العقيدة الإسلامية بالجدل و العقل و المنطق، و من أبرز الفرق الكلامية التي اعتمدت العقل في المسائل الدينية يوجد المعتزلة، و الذين ساهموا بدورهم في الانفتاح على الأفكار العقلانية للأمم الأخرى، فكانوا سببا رئيسا لظهور حركة النقل و الترجمة .
ثانية : حركة النقل و الترجمة :
هي حركة ازدهرت في العصر العباسي مع عهد خلافة المأمون، و الذي أنشأ بيت الحكمة و شجع على ترجمة الكتب الفلسفية و العلمية و الفلكية للحضارات الأخرى و من بينها اليونانية، و بلغ اهتمامه بهذا العمل أنه كان يدفع وزن الكتاب المترجم ذهبا، و من المترجمين الأوائل الذين كانوا يكافئهم المأمون حنين بن اسحاق و ابنه اسحاق بن حنين.. و هذا قد كان سببا رئيسا في انتقال الفلسفة و التفكير العقلاني إلى الحضارة الإسلامية التي كانت تهتم بالدين و اللغة و النحو و الشعر كحد أقصى للتفكير و العلم .
.png)
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .