الفلسفة في مواجهة الأسطورة
تحليل نص جون بيير فرنان ص13 من الكتاب المدرسي في رحاب الفلسفة .
تعريف صاحب النص
جون بيير فرنان، هو مؤرخ فرنسي يهتم بتاريخ الفلسفة عموما، و تاريخ الفلسفة اليونانية خصوصا ، من أهم مؤلفاته : - أصول الفلسفة الإغريقية.. .
تأطير النص
يأتي هذا النص الذي بين أيدينا كتوجيه من المؤرخ الفلسفي الفرنسي جون بيير فرنان، و الذي ينصحنا فيه بأهم الخطوات و المراحل التي يجب على دارس الفلسفة اعتمادها من أجل إدراك ماهية التفكير الفلسفي، و ذلك بما هو نمط خاص و متميز عن غيره من أنماط التفكير .
المفاهيم الأساسية للنص
يتضمن النص قيد التحليل مجموعة من المفاهيم و الألفاظ الفلسفية الجديدة علينا، و قد وجب تعريفها كالآتي :
الميثوس : كلمة يونانية الأصل وتعني الأسطورة، والأسطورة هي حكاية خرافية أو قصة خيالية، تتحدث عن نشأة الآلهة وعن أعمالهم، وصراعاتهم، ومناطق نفوذهم، وهي بهذا المعنى تصور قديم للإنسان اتجاه ذاته و الطبيعة و الكون .
اللوغوس : هي كلمة يونانية الأصل و يقصد بها كل من الخطاب والمبدأ والعلم والعقل، و اللوغوس هو خطاب عقلاني يقوم على العقل والمنطق، وما يهمنا في هذا السياق هو أن اللوغوس يمثل خطاب العقل يتناقض ويتعارض مع الميثوس و الذي يمثل خطاب الأسطورة .
الخطاب : هو القول المنظم والمتماسك الذي يتصف بتنظيم محكم للمفاهيم و يخضع للقواعد اللغوية الدقيقة .
الاستدلال : هو استنتاج يقيني عقلي ننتقل فيه من مقدمات يقينية بذاتها إلى نتائج يقينية متضمنة في تلك المقدمات، و ذلك وفقا لقواعد المنطق ،و مثال ذلك :
- مقدمة 1: الإنسان فان .
- مقدمة 2: سقراط إنسان .
- النتيجة اليقينية : سقراط فان .
الأنطولوجيا : هي كلمة مشتقة من لفظتين يونانيتين هما : الأنطو و تعني الوجود ، و لوجيا وتعني علم ، و معناه العام علم أصل الوجود .
الشروط : و هي مجموع العوامل المكونة للحضارة اليونانية ،سواء الثقافية منها و السياسية و الاقتصادية ،و التي ساهمت في نشأة الفلسفة .
أطروحة النص (الفكرة العامة للنص)
يقارن و يميز جون بيير فرنان بين نمطين مختلفين و متواجهين من التفكير هما الميثوس و اللوغوس، بحيث يبين لنا أن الأسس التي يقوم عليها الميثوس تختلف تماما عن تلك التي يقوم عليها اللوغوس، و في ضوء ذلك يؤكد فرنان بأن نشأة الفلسفة في اليونان قد نتج عن تحولات ثقافية وفكرية عميقة انتقلت اليونان بموجبها من الخطاب الأسطوري الشفوي و الخيالي السردي إلى الخطاب العقلاني المكتوب و المنطقي البرهاني .
تحليل أطروحة النص
يشير النص إلى التقابل و التمييز الحاصل بين الميثوس و اللوغوس كنمطين مختلفين و متواجهين من التفكير الإنساني ، و يمكننا التمييز بين خصائص كل منهم على الشكل الآتي :
- يتخذ الميتوس شكل الخطاب الشفوي الحكائي و السردي .
- يتوجه الخطاب الأسطوري إلى الخيال و الوجدان والعاطفة .
- يتسم الخطاب الأسطوري بغياب التنظيم وعدم خضوعه للقواعد اللغوية .
- يرتكز الخطاب الأسطوري على المحاجة البلاغية التي تقوم على التشبيه و المجاز و الاستعارة .
- تتناول الأسطورة صراع الآلهة و مغامراتهم كقوى فاعلة أساسية .
- خصائص الخطاب العقلاني (اللوغوس) :
- يتخذ اللوغوس شكل الخطاب المكتوب و العقلاني .
- يتوجه الخطاب العقلاني إلى الفكر و المنطق .
- يتميز بالتنظيم المحكم للمفاهيم و الخضوع للقواعد للغوية .
- يقوم الخطاب العقلاني على حجج منطقية و عقلية كالبرهان و الاستدلال و الاستنتاج الرياضي .
- القوى الفاعلة الأساسية فيه هي الإنسان .
إشكالية النص (السؤال الذي يجيب عنه النص)
انطلاقا مما سبق، نفترض أن النص يجيب عن إشكالية فلسفية هامة تتمثل في كالتالي : - كيف نشأت الفلسفة؟ و ما هو الفرق بين التفكير الفلسفي و التفكير السائد قبله؟ و ما هي أهم مميزات و خصائص كل من الفكر الفلسفي العقلاني و الفكر الأسطوري الخيالي؟ و ما علاقة هذا التمييز بنشأة الفلسفة ؟ .
استنتاج
انطلاقا مما سبق، نخلص إلى أن ظهور الفلسفة في بلاد اليونان كان بمثابة إعلان عن إحداث قطيعة في التفكير لدى الإغريق، حيث تم الانتقال من الخطاب الشفوي الأسطوري الذي يعتمد السرد و الخيال..، إلى الخطاب الفلسفي المكتوب الذي يعتمد على الاستدلال العقلي و إنتاج الأفكار و المفاهيم العقلية المجردة، و قد كان ذلك نتاجا لمجموعة من الشروط و العوامل التي ساهمت في هذا التحول، و التي ميزت الحضارة اليونانية عن غيرها، و أبرز هذه الشروط العامل السياسي المساهم بدور كبير في بزوغ هذا الفكر الجديد، حيث ظهرت الفلسفة في مناخ ديمقراطي عرفته المدينة الدولة، حيث سادت حرية التعبير و أصبحت كل القضايا مطروحة للنقاش الحر و العلني .
.png)
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .