المحور الأول : نشأة الفلسفة
تقديم نظري عام :
تعد الفلسفة نمطا فكريا خاصا و متميزا، و لعل كلمة فلسفة ، ليست بكلمة غريبة عن مسامعنا، فهي متداولة بشكل واسع في لغتنا اليومية، إلا أن استعمالها كثيرا ما يتميز بنوع من الاستهزاء والتهكم، حيث أنها توصف بالثرثرة والكلام الفارغ وغير المفيد، وتنعت بالتعقيد والغموض، والغريب هو أن الفلسفة تتوخى الوضوح والدقة حتى في الأمور التي يعتقد الناس عادة بوضوحها، كما أنها تتهم بكونها أفكارا غير مألوفة، والحقيقة أن في هذه التهمة نصيب من الصحة، لأن التفلسف في أحد معانيه هو خروج عن المعتقدات السائدة، والأفكار المألوفة، وأما و نحن ننطق كلمة فلسفة، ندرك فجأة أننا نصدر كلمة يونانية الاشتقاق اللغوي، حيث يمكن تجزئة اللفظ اليوناني (فيلو صوفيا) إلى مفردتين وهما فيليا وتعني المحبة أو الرغبة ، و صوفيا وتعني الحكمة أو المعرفة، ومن ثمة تكون الفلسفة هي محبة الحكمة، والذي يمارس هذا التعلق بالحكمة يسمى فيلوسوفوس أو فيلسوف/حكيم، ولمعرفة الفلسفة معرفة وافية و أكثر وجب علينا أولا الإجابة عن الأسئلة التالية :
- ما الذي جعل فعل التفلسف ممكنا؟ و ما هي شروط إقامته؟ و هل انتفت الأسطورة بظهور الفلسفة؟ و كيف يكون البحث عن المبدأ/الأصل هو بداية فعل التفلسف؟ و كيف نشأت الفلسفة؟ و ما هي أهم خصائصها كتفكير خاص و متميز عن باقيه من أنماط التفكير؟ و ما هي مظاهر التفلسف ؟ ثم ما هي بعض أدوات اشتغال التفكير الفلسفي ؟
من أجل الإجابة على كل هذه التساؤلات، سوف نقوم بدراسة و مقاربة موضوعين أساسيين يعتبران بمثابة المدخل العام لفهم نشأة الفكر الفلسفي و تمييزه عن غيره من أنواع التفكير الإنساني، و أول هذه المواضيع سيكون الفلسفة في مواجهة الأسطورة و الذي سنتعرف فييه على الفرق بين التفكير الفلسفي و باقي الأنماط الفكرية السائدة قبله كالتفكير الأسطوري، و العلاقة فيما بينها، و أما ثاني هذه المواضيع فسيكون حول بداية فعل التفلسف و الذي سنتعرف فيه على البدايات الأولى للتفكير الفلسفي و بعض أهم مبادئه مواضيعه الأساسية .
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .