مجزوءة ما الفلسفة ؟
تقديم عام :
لقد شكل سؤال ما الفلسفة أحد القضايا
و المواضيع الفلسفية نفسها، و قد أدى البحث في هذا الإشكال إلى تعدد التعاريف و
التصورات حول المسماة فلسفة، ذلك أن تعريف هذه الأخيرة متجدد و متعدد بتجدد و
اختلاف التفكير الإنساني عبر العصور، وهذا كان من جهة،و أما من جهة أخرى فمن بين
الأسباب التي جعلت من غير الممكن إيجاد تعريف شامل للفلسفة هو أنه لا يوجد فلسفة
واحد، بل إن لكل فيلسوف و مفكر فلسفته الخاصة التي ينتجها حسب تصوره و طريقة رؤيته
للعالم و الطبيعة و المجتمع و ذاته، و لكن و من أجل تجاوز هذه المعضلة قليلا،
سنتفق على تعريف مؤقت مفاده أن الفلسفة هي نمط تفكير إنساني يقوم على البحث
العقلاني والنقدي في الوجود الطبيعي و الإنساني ، و البحث في المشكلات الوجودية و
الأخلاقية القيمية و المعرفية و باقي القضايا التي تحيط بالإنسان .
و في حين أن الفلسفة هي البحث المتواصل عن طريق الاستمرار في طرح التساؤلات و محاولة الإجابة عنها، و كما يقول الفيلسوف الألماني المعاصر كارل ياسبرز ، فإن الأسئلة في الفلسفة أهم من الأجوبة، و إن كل جواب يصبح سؤال جديدا، فكذلك تعريف الفلسفة ينطبق عليه نفس الأمر، مما يجعلنا غير قادرين على الاهتداء إلى تعريف جامع وكامل لهذا النمط من التفكير المدعو فلسفة . و لطالما يقودنا البحث عن تعريف للفلسفة إلى البحث في تاريخ الفلسفة و نشأتها تاريخيا دائما، ومن هنا يتحول البحث عن تعريف للفلسفة إلى البحث في تاريخ الفلسفة .
إن التفكير الفلسفي متاح لكل إنسان أراد استخدام عقله و التفكير في إشكالاته الخاصة كإنسان، و هو بذلك لا يعد حكرا على إنسان دون آخر، أو مجتمع دون سواه، ففي الواقع، فإن لكل إنسان طريقته في التفلسف، فكلنا نتساءل أسئلة عامة تخصنا ككائنات من نفس الجنس، غير أنه لا يصح القول أن الكل فلاسفة، و هو نفس الأمر بالنسبة للحضارات السابقة، من قبيل البابلية و الفرعونية و الصينية و الهندية.. ،فمن الصحيح أن أغلب الحضارات القديمة قد أنتجت تصورات للعالم و للإنسان، غير أن تصوراتها بقيت ممزوجة بالتقليد القديم الذي ينبني على الخيال و البداهة من دون حجة و لا برهان، لكن الحضارة اليونانية قامت بقفزة نوعية خلال التاريخ القديم، و قد كانت السباقة إلى التفكير الفلسفي الذي ينبني على العقل و المنطق بالإضافة إلى الحجة و البرهان، و من ثم شكلت الحضارة اليونانية بداية فعل التفلسف، وهذا بالأكيد لم يكن نتيجة صدفة تاريخية و حسب، بل نتيجة لعدة أسباب و عوامل تخص هذه الحضارة دون غيرها .
و
انطلاقا من هذا العرض المطول، و في الأخير، لا يسعنا إلا أن نتساءل بدورنا
كالآتي :
كل تلك التساؤلات سنحاول الإجابة
عليها قدر الإمكان من خلال أربع محاور أساسية هي :
- المحور الأول : نشأة الفلسفة .
- المحور الثاني : محطات أساسية من تاريخ الفلسفة .
- المحور الثالث : منطق الفلسفة .
- المحور الرابع : الفلسفة والقيم .
.png)
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .