مجزوءة ما الإنسان ؟
تأطير نظري عام :
إذا
كانت العلوم الطبيعية تنظر إلى الإنسان ككائن بيولوجي تحكمه قوانين طبيعية تجعله
يطمح مثل باقي الكائنات إلى تلبية حاجياته من أجل الاستمرار في العيش ، فإن هذا لا
يعد الجانب الإنساني الوحيد، بل إن للإنسان جانب سيكولوجي أيضا، و أهميته تكمن في
تحقيق التوازن بالحياة النفسية، خصوصا فيما يتعلق بكل من الدوافع و الرغبات و
المشاعر، هذا و ناهيك عن الجانب الاجتماعي و الثقافي الذي يطبع الإنسان بطابعه و
يلعب دورا كبيرا في تحديد ماهية الإنسان، و هذا كله لا يقوم أبدا بمعزل عن الوعي
الذي يربط بينهما، و في هذا السياق شكل الوعي أحد الإشكالات الأساسية للفكر
الفلسفي، و ربما كان هذا بداية من دعوة سقراط إلى معرفة أنفسنا بأنفسنا، و التي
كانت بمثابة إعلان عن بداية الإهتمام الذات و محاولة معرفتها معرفة حقة ، و قد بُذلت جهود
كثيرة و متواصلة في سبيل الإجابة عن هذا الإشكال الفلسفي، فالوضع الإنساني وضع
تتداخل في تشكيله مجموعة من الأبعاد و المحددات . و من أجل تحديد ماهية هذا الوضع
الغريب و المعقد، وجب علينا النظر اليه من منطلقات عدة متداخلة مع بعضها البعض، و
بهذا و من أجل فهم الكائن الإنساني وجب النظر إليه من منطلق بيولوجي و طبيعي،
سيكولوجي، و سوسيوثقافي أيضا . فالإنسان كائن حي تحكمه قوانين فيزيائية و بيولوجية
معا، كما أنه مدرك لهذه القوانين الذي يخضع لها و لو نسبيا، لكنه لا يخلو من
لحظات حمق و لاوعي و فقدان الانتباه أيضا، و هذا لا ينبغي أن ينسينا العلاقة الوطيدة
بين هاذين الجانبين السيكولوجي و البيولوجي، كما أن الإلمام بهاذين الجانبين لا
يكفي أبدا لفهم الإنسان، بل لابد من الأخذ بعين الاعتبار بعده السوسيولوجي و
الثقافي، كون الإنسان فردا داخل المجتمع، يتواصل مع إبناء جنسه، و تجمعهم ثقافة
مشتركة و تربط بينهم علاقات و روابط قرابة اجتماعية... و هذا كله يؤثر على سلوكيات
و نشاطات و أفعال الإنسان، و إن تعددت أوجه النظر، فهذا لا يعني غياب المقاربة
الفلسفية، بل إنها تبقى حاضرة بقوة من أجل جمع شتات هذه المقاربات الجزئية و تقديم
نظرة شمولية تحيط بماهية الإنسان و حقيقته العميقة التي تظل غامضة، و هذا لن يتأتى
إلا بالإجابة عن الإشكالات التالية :
- هل
يمكن اعتبار الإنسان كائنا مدركا وواعيا حقا ؟ و إذا كان كذلك، فما هي حدود هذا
الوعي ؟ و ما الحيز الذي يحتله غياب الوعي من الحياة الإنسانية ؟ و إلى أي حد يمكن
اعتبار الإنسان كائنا راغبا له إرادة و غاية ؟ و ما الذي يجعل الغنسان متميزا
بلغته عن باقي الكائنات؟ و إذا كان الإنسان كائنا اجتماعيا- فما الذي يجعله كذلك ؟
و ما الذي يميز الاجتماع البشري عن غيره ؟ و ما أشكال نشاط هذا الإنسان داخل
المجتمع ؟ .
.png)
في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .