آخر الأخبار

محور الوعي و اللاوعي - مطلب المناقشة - مواقف ادموند هوسرل - جاك لاكان- اريك فايل

محور الوعي و اللاوعي : مطلب المناقشة

مواقف ادموند هوسرل - جاك لاكان- اريك فايل

موقف ادموند هوسرل : الوعي قصدي يحمل الشيء المفكر فيه

إذا كانت الأطروحة الفرويدية تراهن كما رأينا على أن الإنسان كائن لا واع مصدرها اللاشعور أو اللاوعي، و بذلك يكون كل فعل إنساني فعل خاضع لقوى لاشعورية ، بمعنى أنه فعل غير مقصود و لا مفكر فيه، فإن ادموند هوسرل تجاوز هذا الطرح من خلال تناوله لمفهوم الوعي ظاهراتيا (فينومينولوجيا) باعتبار الظاهراتية ترجع كل فكر و فعل إنساني إلى مصدر أساسي و إلى ما هو قبلي و قصدي أيضا، إذ أن كل تصرف كان أو فكر ما كيف ما كان نوعه لا يحدث إلا كنتيجة لما هو مفكر فيه مسبقا و أيضا مقصود مسبقا، فالإنسان يحمل وعيا قبليا بكل ما يعيه و يفعله في الأصل، و هذه القصدية هي ما يوجه الوعي نحو موضوع وعيه، و بالتالي يصبح الفعل الإنساني حسب هوسرل فعل مقصود و مفكر فيه قبليا و بالتالي فعل مسؤول و اختياري أيضا، و ليس العكس كما قالت به النظرية الفرويدية ، و هذا ما يجعل الإنسان متميزا عن باقي الكائنات في الأصل، هو كونه واعي بما يفكر فيه و يفعله و يصدره من سلوكيات و أفعال .

موقف جاك لاكان : اللاشعور سجل خاص بتاريخ الفرد

إن قراءة جاك لاكان لمفهوم الوعي و علاقته باللاوعي تشكل مساهمة مهمة في استكمال البحث الفرويدي، إذ قام جاك لاكان بإعادة تجديد لمدرسة التحليل النفسي، ففي حين ربط فرويد اللاشعور بالرغبات و الشهوات المشتركة بين الجميع (مثال الشهوة الجنسية) ، فقد أعاد لاكان النظر في اللاشعور و ربطه بالتنشئة الاجتماعية الفردية و باللغة أيضا كونه فيلسوف اللغة، واعتبره سجل خاص من الذكريات و التجارب الفردية للإنسان، باعتباره تلك الحصيلة الشخصية لمجموعة من التجارب الفردية داخل حقل ثقافي و لغوي معين..  ، فاللاشعور بهذا المعنى هو نتاج لتجارب الفرد دخل مجتمع معين، لغة معينة، تقاليد و عادات معينة، آثار معينة في حياته منذ الطفولة، كما يتمظهر هذا اللاشعور عنده غالبا عبر اللغة بمختلف أشكالها، و يعطينا نموذ للعصاب كمرض هستيري نعبر عنه بلغة الجسد، فالعصاب هنا سجل و ذكرى باطنية خاصة بالفرد لا تجد مخرجا لها إلا عن طريق لغة الجسد، و بهذا فهو يتفق مع مدرسة التحليل النفسي في كون اللاشعور مصدر كل فعل و تصرف إنساني، غير أن هذا اللاشعور لا يرتبط بتجربة مشتركة بين الجميع و حسب، بل بتجربة فردية لكل إنسان، فلكل فرد ذكرياته و آثاره و أفكاره و لغته الخاصة، حسب تجربته الخاصة، أي لكل فرد لاشعوره الخاص به الذي يعبر عنه بخطابه و لغته الخاصة .

موقف إريك فايل : الوعي أساس بناء المعنى الخاص بكل إنسان

إن منظور الفيلسوف إريك فايل يتخذ منحا آخر في النظر إلى الوعي، فالوعي عند الإنسان لا يرتبط فقط بإدراك موضوع ما و إصدار رد فعل ما اتجاهه و فقط، بل إن الوعي الإنساني يشكل أساس بناء المعنى باعتبارها ما يمنح الأشياء قيمة و دلالة، فلطالما نقول أن الفعل الإنساني ذو معنى، على خلاف الفعل الحيواني أو الجماد الذي لا يكتسي أي معنى ما دام رد فعل اتجاه فزيائية و بيولوجية و حسب، و المقصود هنا أن الوعي ليس مجرد القول بأنا موجود و إدراك موضوع ما و القيام برد فعل اتجاهه ، لكن المقصود هو إضفاء معنى خاص للوجود الخاص، و إضفاء معنى خاص لكل فعل إزاءه، فلا وعي بدون معنى و لا معنى بدون وعي، و بذلك يكون الوعي عنده هو عملية بناء للمعنى الخاص لكل فعل و سلوك و تصرف إنساني .


 

تعليقات