آخر الأخبار

مفهوم الرغبة - محور الرغبة و الإرادة - تحليل نص الرغبة ماهية الإنسان للفيلسوف باروخ اسبينوزا

 

محور الرغبة و الإرادة

تأطير إشكالي :

إن الرغبة الإنسانية رغبة فريدة من نوعها، فهي لا تقوم خارج وعيه الإنساني، إذ أن ميول الإنسان نحو ما يرغب فيه يظل خاضعا لعملية وعي سابق على ما يتم  الرغب فيه، وبالتالي خاضع للإرادة بما هي قدرة على التصرف و الاختيار بحرية، و قدرة على توجيه الوعي نحو ما يصبو إليه، و من هنا نتساءل : ما الإرادة ؟ و ما علاقتها بالرغبة ؟ و هل يمكن فصل رغبة الإنسان عن ما يريده ؟ و هل الإنسان يعي رغباته و له سلطة عليها أم أنها تظل خاضعة للتكوين البيولوجي و النفسي و الاجتماعي للإنسان ؟

التحليل و المناقشة

أولا : التحليل – تحليل نص الرغبة ماهية الإنسان للفيلسوف باروخ اسبينوزا

تأطير النص :

يأتي هذا النص في سياق الإجابة عن إشكال ماهية الرغبة، كما يميز لنا بين الرغبة و الإرادة لدى الإنسان، و البحث في مدى وعي الإنسان برغباته و أسبابها الأولى .

مفاهيم النص الأساسية :

الإرادة هي بصفة عامة القدرة على الاختيار و التصرف بما يمليه علينا فكرنا ووعينا، و في سياق النص هي الجهد الواعي الذي تبذله النفس للحفاظ على بقائها .

الشهوة : حسب اسبينوزا هي الجهد الذي تقوم به النفس و الجسم معا، و هذا الجهد المزدوج من أجل الحفاظ على الوجود و استمراره .

الرغبة : هي الشهوة المصحوبة بوعي صاحبها،  و بالتالي فهي شهوة مصحوبة بإرادة الإنسان أي وعيه الخاص، و هذا ما يميز الإنسان على باقي الحيوان، كونه يعي شهواته و يريدها .

مفاهيم داعمة :

العلة المادية : السبب المادي الملموس لوجود موجود معين (مثال الشجرة).

العلة الفاعلة : السبب في تحويل موجود معين إلى شيء معين (الإنسان مثلا).

العلة الصورية : الصورة التي تتخذها المادة الأولى (الشجرة في المثال) بعد تدخل العلة الفاعلة (الإنسان)، مثل الكرسي أو الطاولة.. .

العلة الغائية : الغاية و الهدف النهائي من تحويل المادة الأولى لصورة معينة من طرف العلة الفاعلة (الغاية من الكرسي و الهدف منه مثلا، أي الجلوس) . 

أطروحة النص :

يميز اسبينوزا في أطروحته بين الإرادة و الشهوة و الرغبة، و يخلص إلى أن الرغبة هي مجرد تلك الشهوة التي تخضع للإرادة الإنسانية، و بالتي فإن الانسان حسب اسبينوزا يعي رغباته و يريدها، و هذا الوعي هو ما يجعل الإنسان مسؤول عن رغباته و له سلطة عليها، و لكنه يقر في المقابل أن الإنسان و رغم وعيه لرغباته، فإنه يجهل أسبابها و عللها الأولى .

البناء الحجاجي للنص :

حجة التعريف : حيث عرف لنا من خلالها كل من الإرادة، الشهوة، والرغبة لكي يميز بينها، و يخلص إلى ماهية الرغبة التي هي شهوة مصحوبة بإردة أو وعي صاحبها .

حجة العرض و التفسير : حيث عرض لنا موقفه حول الإنسان بكونه كائنا راغبا و فسر لنا أن الرغبة هي ماهيته و جوهر تواجده و استمراره في العيش .

حجة الشرط : إذ قال : -..فإذا قلنا مثلا أن السكن.. فإن ذلك في الحقيقة.. ، و قد أضاف حجة المثال هنا أيضا من أجل التأكيد على أن الإنسان يرغب (يرغب في السكن) لكنه يجهل علل رغباته (الرغبة في منزل بالضبط هنا) .

تركيب للنص :

إن تمييز اسبينوزا بين مفاهيم الإرادة و الشهوة والرغبة قد قاده إلى أن الإنسان كائن راغب في ماهيته و جوهره، غير أن رغبته ترتبط مع إرادته و شهوته في المقابل، إذ أن رغبته ما هي إلا شهوة مصحوبة بإرادة ووعي الإنسان، لكن هذا الأخير يظل جاهلا للأسباب و الدوافع التي تحدد رغباته بالضبط .

تعليقات