محور اللغة و الفكر
تأطير إشكالي :
لطالما عدت اللغة من بين أكثر التجليات تعبيرا
عن الفكر لدى الإنسان، كما أنها قد تكون وسيلة للتفكير أيضا، و من هنا يبرز
الإشكال الفلسفي الحاصل بين اللغة و الفكر، و الذي يبحث في هذه العلاقة الجدلية
بين اللغة و كل من الفكر و التفكير لدى الإنسان، و ما إذا اللغة تعبيرا و تجليا
للفكر أم أنها وسيلة للتفكير أيضا، و هذا يجعلنا أمام الكثير من التساؤلات، ولعل
أهمها ما يلي :
ما العلاقة بين اللغة و كل من الفكر و
التفكير ؟و هل يمكن للإنسان أن يعبر عن فكره بدون لغة ؟ و هل يمكن ممارسة فعل
التفكير بدون الاعتماد على كلمات و رموز أم لا ؟ .
معالجة الإشكال
مطلب التحليل : تحليل نص وحدة اللغة و الفكر
تأطير النص :
يأتي نص الفيلسوف الفينومينولوجي (الظاهراتي)
موريس ميرلوبونتي الذي بين أيدينا كمساهمة في تقديم الإجابة عن إشكال علاقة اللغة
بالفكر و التفكير، و هذا على ضوء منطلقه الفلسفي الفينومينولوجي الذي يحاول البحث
في العلل الأولية للظواهر و الأحداث و ماهيتها، و من بين هذه الظواهر اللغة .
مفاهيم النص الأساسية :
الكلام : أنظر الكتاب المدرسي في رحاب
الفلسفة ص48 أسفل النص .
الفكر : أنظر ص48 من الكتاب المدرسي في رحاب
الفلسفة مسلك الأداب و العلوم الإنسانية .
أطروحة النص :
يؤكد موريس ميرلوبونتي على أن العلاقى بين
اللغة و الفكر هي علاقة جدلية داخليا لا خارجيا، بحيث أن اللغة حسبه هي بمثابة
لباس للفكر و حضوره في العالم، و هو يرفض في ذلك التوجه الفكري الذي يرى أن اللغة
و الكلمات تعبير و تجلي خارجي للفكر، و يؤكد بالمقابل على أن الفكر ليس شيئا
داخليا و لا يوجد خارج الكلمات أو اللغة، و أن الفكر لا يمكن أن يوجد ما لم يتم
التعبير عنه في الآن نفسه، و بهذا يخلص ميربولونتي إلى أن اللغة و الفكر يوجدان
دائما في آن واحد داخليا، و بالتالي لا يمكن الفصل بينهما أبدا .
حجاج النص :
باعبتار كل قول فلسفي هو قول برهاني في
الأساس، فإن ميرلوبونتي قد حاول الدفاع عن أطروحته عن طريق بناء حجاجي يتمثل فيما
بلي :
الدحض : في هذا السياق يدحض صاحب النص كل
التوجهات الفكرية القديمة التي نظرت إلى اللغة كوسيلة للتعبير عن الفكر و كونها
تجلي له و فقط، بينما أغفلوا أن اللغة و الفكر هما شيء واحد في الأساس .
التأكيد : في مقابل دحضه للفكرة السابقة، أكد
ميرلوبونتي على أن اللغة و اللغة و الفكر ما هما إلا شيء واحد و أن اللغة هي جسم
الفكر و حضوره في العالم الخارجي و ذلك يتجلى في قوله (..إن الفكر ليس شيئا داخليا
و لا يوجد خارج العالم و الكلمات..) .
تركيب :
كنتيجة لما سبق، يمكن القول أن علاقة اللغة
بالفكر تظل علاقة جدلية ذات تأثير و تأثر، و أن اللغة لا يمكن أبدا فصلها عن الفكر
و عن عملية التفكير لدى الإنسان، و ما الكلمات بذلك إلا وجه آخر من مظاهر الفكر و
العكس صحيح، لكن، وإذا كانت اللغة توجد مع الفكر في آن واحد فهذا يقودنا إلى إشكال
فلسفي آخر يتعلق بمدى تعبير الكلمات و اللغة عن ما نفكر فيه و ندركه سواء داخليا
أم خارجيا، فهل تنجح اللغة في التعبير عن فكرنا و حالاتنا النفسية يا ترى أم لا ؟ .

في حال أردت تشجيعنا أو التساؤل عن أي شيء، اترك تعليق لنا و شكرا .